حقق الاقتصاد المغربي في الربع الثاني من عام 2025 نموًا قويًا بلغت نسبته 5.5%، وهو أعلى معدل نمو فصلي منذ مرحلة التعافي ما بعد جائحة كوفيد-19 في عام 2021، مدفوعًا بانتعاش الأنشطة غير الفلاحية وتحسن الطلب المحلي والصادرات، وفق بيانات المندوبية السامية للتخطيط ووزارة الاقتصاد والمالية.
وقالت المندوبية إن سوق العمل واصل التحسن بوتيرة معتدلة، إذ ارتفع معدل التوظيف بنسبة 1.4% على أساس سنوي، مقابل 3.4% في الربع الأول، في ظل تحول الشركات نحو تعزيز الإنتاجية بدلاً من التوظيف الجديد، وسط ارتفاع تكاليف الأجور، ولا سيما للعاملين بالحد الأدنى للأجور.
سجلت قطاعات الصناعات التحويلية والاستخراجية والبناء والإيواء مساهمة كبيرة في النمو الإجمالي، حيث استحوذت على نحو 40% من إجمالي الأداء الاقتصادي، بدعم من توسع الصادرات التي نمت بنسبة 8.5% متجاوزة التوقعات، وتحسن الطلب الداخلي بنسبة 9.2%. كما ارتفع الإنفاق الاستهلاكي للأسر بنسبة 5.1% مقابل 4.4% في الربع السابق، ما يعكس تحسن الثقة في السوق.
في المقابل، سجلت الواردات ارتفاعًا بنحو 15.7% نتيجة زيادة الطلب المحلي، غير أن تحسن شروط التبادل التجاري وارتفاع قيمة الصادرات ساعدا في الحد من الضغوط على الميزان التجاري.
ورغم التحسن الملحوظ في الإيرادات الضريبية بفضل انتعاش النشاط الاقتصادي وتوسيع الوعاء الضريبي، ارتفعت النفقات العمومية، خصوصًا كتلة الأجور، بنسبة 10.8%، ما رفع الحاجة الإجمالية إلى التمويل إلى -3.2% من الناتج المحلي الإجمالي الفصلي مقابل -2% في الربع الأول.
ومع ذلك، حافظت المالية العامة على توازن نسبي بفضل استمرار تدفقات الاستثمارات وتزايد ثقة المؤسسات الدولية في الاقتصاد المغربي.
تتوقع المندوبية السامية للتخطيط تباطؤ النمو خلال النصف الثاني من العام إلى 4.3% في الربع الثالث و4.7% في الربع الرابع، نتيجة بيئة خارجية أقل دعمًا، خصوصًا تباطؤ الطلب الأوروبي، على أن يعود الزخم تدريجيًا بنهاية العام.
كما تشير تقديرات وزارة الاقتصاد والمالية إلى نمو الاقتصاد بنسبة 4.5% في 2025، بدعم من تحسن القطاع الزراعي واستمرار انتعاش القطاعات غير الفلاحية، مع توقع تجاوز الناتج المحلي الإجمالي حاجز تريليوني درهم (220 مليار دولار) بحلول عام 2028، بزيادة تقارب 28% خلال أربع سنوات، وفقًا لبلومبرغ.
جاء الأداء القوي متزامنًا مع ترقية التصنيف الائتماني للمغرب من قبل وكالتي ستاندرد آند بورز وفيتش، ما يعزز الثقة في قدرته على الحصول على تمويلات خارجية منخفضة التكلفة، خاصة مع إطلاق مشاريع بنية تحتية كبرى بقيمة 170 مليار دولار تشمل الطرق والمطارات وتحلية مياه البحر استعدادًا لاستضافة كأس العالم 2030 بالشراكة مع إسبانيا والبرتغال.
اقرأ أيضًا: ستاندرد آند بورز تعيد المغرب إلى درجة الاستثمار مع توقعات نمو قوية حتى 2028