رفعت وكالة ستاندرد آند بورز للتصنيف الائتماني تصنيف مصر طويل الأجل من (B-) إلى (B) مع نظرة مستقبلية مستقرة، وذلك للمرة الأولى منذ عام 2018، فيما أكدت وكالة فيتش تصنيفها الائتماني لمصر عند نفس الدرجة (B) مع الإبقاء على النظرة المستقبلية المستقرة.
وقالت ستاندرد آند بورز في بيان لها إن قرار رفع التصنيف جاء نتيجة تحسن آفاق النمو الاقتصادي، واستمرار تنفيذ الإصلاحات النقدية والهيكلية، خاصةً بعد الانتقال إلى نظام سعر صرف مرن في مارس 2024، وهو ما ساهم في تعزيز التنافسية ورفع تدفقات العملات الأجنبية.
أوضحت الوكالة أن الإصلاحات التي نفذتها الحكومة خلال الثمانية عشر شهرًا الماضية، وفي مقدمتها تحرير سعر الصرف، أدت إلى انتعاش حاد في نمو الناتج المحلي الإجمالي الذي ارتفع إلى 4.4% في السنة المالية 2025 مقابل 2.4% في 2024، مع توقعات بأن يبلغ متوسط النمو نحو 4.8% حتى عام 2028.
كما سجلت عائدات السياحة ارتفاعًا بنسبة 20% خلال الربع الممتد من أبريل إلى يونيو 2025، وزادت تحويلات المصريين العاملين بالخارج بنحو 36.5%، في مؤشرات تعكس قوة التعافي في مصادر النقد الأجنبي.
ولفتت الوكالة إلى أن تحسن صافي التدفقات المالية وارتفاع الاحتياطي النقدي الأجنبي يعززان صلابة المركز الخارجي للاقتصاد المصري، مع توقعات بوصول الاحتياطات القابلة للاستخدام إلى 42 مليار دولار بحلول 2028.
وأشارت ستاندرد آند بورز إلى أن المالية العامة تشهد ضبطًا تدريجيًا، حيث حققت الحكومة فائضًا أوليًا يعادل 3.5% من الناتج المحلي الإجمالي في السنة المالية 2025، مدعومًا بتوسيع القاعدة الضريبية وترشيد الإنفاق.
لكن الوكالة حذرت من أن عبء خدمة الدين الحكومي لا يزال مرتفعًا، إذ تستحوذ الفوائد على نحو 73% من الإيرادات خلال السنة المالية 2025، رغم توقع تراجع النسبة تدريجيًا إلى 49% بحلول 2028 مع خفض أسعار الفائدة وتطويل آجال استحقاق الدين.
ورأت ستاندرد آند بورز أن الأهمية الاستراتيجية لمصر ازدادت في ظل الأوضاع الجيوسياسية الإقليمية، خصوصًا بعد اندلاع الصراع في غزة، ما عزز استمرار الدعم المالي من دول مجلس التعاون الخليجي وشركاء دوليين آخرين. كما أسهم برنامج صندوق النقد الدولي البالغة قيمته 8 مليارات دولار في دعم استقرار الاقتصاد المحلي، إلى جانب الاستثمارات الأجنبية المباشرة المتزايدة، من بينها استثمارات بقيمة 35 مليار دولار من شركة القابضة في منطقة رأس الحكمة.
من جانبها، أكدت وكالة فيتش أن التصنيف الائتماني المستقر يعكس إمكانيات النمو القوية والدعم المتواصل من الشركاء، مشيرة إلى أن المخاطر الجيوسياسية الناجمة عن التوترات مع إسرائيل زادت على نحو معتدل فقط، فيما يستمر التعاون في مجال الطاقة والتدفقات الإقليمية.
رحب محافظ البنك المركزي المصري حسن عبد الله بقرار رفع التصنيف، مؤكدًا أنه يعكس الثقة المتزايدة في الاقتصاد الوطني نتيجة الإصلاحات النقدية والهيكلية الأخيرة، وعلى رأسها توحيد سعر الصرف. وأوضح أن هذه الخطوة كانت أساسية لتعزيز استقرار الأسواق وتحسين مؤشرات القطاع الخارجي ورفع الاحتياطي الأجنبي، الذي تجاوز 49.5 مليار دولار في سبتمبر 2025.
وأضاف أن البنك المركزي سيواصل تنفيذ سياسات نقدية رشيدة تهدف إلى احتواء التضخم والحفاظ على استقرار النظام المالي، بما يدعم النمو المستدام ويعزز ثقة المؤسسات الدولية والمستثمرين.
أكدت الوكالتان أن النظرة المستقبلية المستقرة تعكس توازن التوقعات بين تحسن آفاق النمو واستمرار الضغوط المالية، في ظل التزام الحكومة ببرنامج الإصلاح الاقتصادي وبمرونة سعر الصرف.
وترى ستاندرد آند بورز أن رفع التصنيف مجددًا في المستقبل قد يتحقق إذا واصلت مصر تحسين أوضاعها المالية والخارجية، وزيادة الاستثمار الأجنبي المباشر، وتسريع برنامج بيع الأصول الحكومية، بينما قد تتعرض التقييمات للضغوط إذا تراجع الالتزام بالإصلاحات أو تصاعدت المخاطر الجيوسياسية.